النص الكامل – نقاط على الحروف لناصر قنديل
فرصة مصر الضائعة وليبيا ساحة التصفيات
عندما توغل الجيش التركي في الأراضي السورية شرقاً وغرباً وأعلنت الدولة السورية تحريك جيشها للمواجهة صدر موقف مصري يحذر من خطورة التحرك التركي على الأمن القومي العربي، كانت فرصة مصر التي ضاعت لوقف التغول التركي في المنطقة ولو عبر إرسال قوة رمزية من جيشها ووحدة من ضباطها لترجمة موقفها باعتبار الخطر التركي لا يهدد سوريا وحدها
لم تفعل الحكومة المصرية ذلك، أو ما يوازيه في السياسة، بل علق بعدها وزير خارجيتها على عودة سورية إلى الجامعة العربية بربط ذلك بشروط تتصل بخطوات مطلوبة من الحكومة السورية على طريق ما أسماه الحل السياسي، والمقصود هو حل مع مسميات معارضة تمسك تركيا بقرارها
تعرف الحكومة المصرية أن الخطر الذي يهددها ويهدد ليبيا ووحدتها وأمنها هو ذات الخطر الذي عبث ولا يزال يحاول العبث بسورية ووحدتها وأمنها، وأن شرعية الدولة السورية أشد تجذراً من الشرعية التي تسعى إليها لتغطية تدخلها في ليبيا دون أن تضع عليها شروط تتصل بالحل السياسي. كما تعرف أن الفارق بين الحالتين السورية والليبية ليس إلا ما لمح إليه الرئيس المصري حول الغطاء الدولي للتدخل في ليبيا، والمقصود بالتأكيد ضوء أخضر والأرجح أصفر لهذا التدخل، مثل الضوء الأصفر الذي منح لتركيا أن تتدخل بصورة مماثلة، والمشكلة أن ذات الجهات التي منحت الضوء الأصفر لتركيا هي التي تمنحه لمصر وهي بالنهاية في واشنطن
عندما بدأ الرئيس التركي تدخله في ليبيا عسكرياً وعلناً مستنداً إلى ترسيم الحدود المائية البحرية مع حكومة ليبية تابعة لتركيا كانت الحكومة المصري قد أضاعت فرصة ثانية عندما تموضعت في أحلاف الغاز في المنطقة ضمن حلف يجمعها مع كيان الاحتلال واليونان وقبرص رعاه وزير الخارجية الأمريكي علناً لمواجهة أنبوب الغاز الروسي إلى أوروبا والذي تشارك فيه تركيا، فبدا الترسيم التركي الليبي عندها قطعاً للطريق جغرافياً أمام مرور أنبوب منافس لروسيا باتجاه أوروبا، قررت الحكومة المصرية أن تكون جزءاً منه بينما كان ينتظرها التعاون مع لبنان وسوريا في مجال الغاز لحلف ثالث لا يمكن لروسيا اعتباره عدواً، فضاعت فرصة ثالثة
يعبر بعض السياسيين والإعلاميين والدبلوماسيين المصريين عن اتهامهم لإيران بالوقوف في خندق داعم للعدوان التركي على ليبيا، وبعضهم يتحدث عن روسيا أيضاً بصفتها داعماً للعدوان، لكنهم يعلمون أن إيران واجهت هذا العدوان التركي نفسه عندما استهدف سوريا رغم كل تشابك المصالح بين إيران وتركيا ومثلها فعلت روسيا، وبالتالي لا يمكن إدانة إيران وروسيا مصرياً لاعترافهما الرسمي بحكومة تسيطر عليها تركيا طالما أن الجامعة العربية تعتمد هذه الحكومة رسمياً وتمنحها المقعد الليبي في الجامعة بينما الدولة السورية محرومة من مقعدها، وطالما أن الحكومة المصرية قررت مواجهة الدور التركي في ليبيا من ضمن حلف يضم السعودية والإمارات على قاعدة مفهوم للأمن القومي لا مكان فيه للعداء لكيان الاحتلال، بل سعي خليجي للتطبيع معه والتركيز على تصوير إيران كعدو بديل لكيان الاحتلال
من الواضح أن مانح الضوء الأصفر لتركيا ثم لمصر بدعم خليجي للتدخل في ليبيا هو الأمريكي الذي يريدها ساحة تصفيات للمباريات النهائية بين حلفائه مع جائزة هي نفط ليبيا للرابح بمركز القوة الإقليمية الموازية لإيران في التفاوض اللاحق حول أمن المنطقة وترتيباتها. وربما يطل مشروع لتقسيم ليبيا برأسه من قلب هذه الحرب الاستنزافية الطويلة لموارد دول وجيوش كبرى في المنطقة
رغم كل ذلك ستبقى مواقف ومشاعر كل الذين يدركون الفرق بين الموقف الخاطئ والخطيئة العدوانية، سيقفون إلى جانب مصر وجيشها عندما يقاتل العدوان التركي على ليبيا، وسيشترك في دعمها السوريون واللبنانيون والفلسطينيون خصوصاً الذين يدركون مرارة الشعور بالتخلي وسيكون معهم كل العرب وكل الشرفاء والأحرار رغم الشعور بالمرارة
To help us continue, please visit the Donate page to donate or learn how to help us at no cost.
Follow us on Telegram: http://t.me/syupdates link will open the Telegram app.